الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أكد الشارع أمر صلاة الجماعة ولم يرخص في تركها في أشد الحالات والظروف كحالة الخوف، والحرب فقال تعالى: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102].
وكحالة الأعمى الذي لا يجد من يقوده إلى المسجد كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال نعم: قال: فأجب.
ولقد همَّ النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت أناس لا يشهدون الصلاة جماعة.. فأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده: لقد هممتُ أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده: لو يعلم أحدهم أن يجد عرقا سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء. وفي رواية: ثم أحرق على أقوام لا يشهدون الصلاة. أخرجه الترمذي.
فالواجب عليك أن تذهب إلى المسجد مادمت تسمع النداء؛ لأن صلاة الجماعة واجبة على الراجح من أقوال أهل العلم، لما سبق من أدلة تدل على الوجوب مع فيها من الفضل العظيم، فالصلاة في الجماعة تفضل على صلاة الفرد بسبعٍ وعشرين درجة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري. وأخرج مسلم من حديث أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل لا أعلم رجلاً أبعد من المسجد منه، وكان لا تخطئه صلاة، قال: فقيل له: لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء وفي الرمضاء ؟ قال: ما يسرَّني أن منزلي إلى جنب المسجد، إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد جمع الله لك ذلك كله.
والله أعلم.